تحتل قضايا الوظيفة العمومية تحتل حصة الأسد في القضاء الإداري في المغرب والذي يتصدى لكل الجزئيات والتفاصيل منذ ولوج الموظف الوظيفة مرورا بمختلف الوضعيات القانونية التي تعتري مساره المهني وانتهاء بوصوله حد السن القانوني وإحالته على التقاعد.
في هذا السياق يحاول صاحب البحث التطرق لمختلف جوانب هذا الموضوع مرتكزا على الواقع التطبيقي إضافة إلى الدراسات النظرية في الموضوع. وبناء على ما سبق، يتناول الباحث في القسم الأول الوضعية الفردية بين قضاء الإلغاء والقضاء الشامل على ضوء تطور الاجتهاد القضائي في المغرب. تمحور الفصل الأول حول إشكالية الوضعية الفردية بين غموض النصوص القانونية وتباين الآراء الفقهية والاجتهادات القضائية، الشيء الذي سمح بالتطرق إلى مسألة تشعب التوجهات الفقهية وكذا اضطراب الاجتهادات القضائية في موضوع الوضعية الفردية وهو الأمر الذي انعكس على اختيار الموظف لطريق الدعوى بين قضاء الإلغاء والقضاء الشامل. تطبيقا لذلك، توقف الباحث بتفصيل عند مختلف الفئات المعنية بالوضعية الفردية من عاملين في مرافق الدولة، والجماعات الترابية، والمؤسسات العمومية، والأشخاص الخاضعين لنظام أساسي خاص، واستعرض الشروط (الصفة، المصلحة، الآجال،…) والحالات الموجبة للطعن بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة (عيوب الشرعية).
أما في الفصل الثاني انصب اهتمام الباحث على دراسة وتحليل النزاعات المتعلقة بالحياة الإدارية للموظفين والعاملين في مرافق الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، حيث توقف بشكل مسهب عند المنازعات المرتبطة بالمباريات والامتحانات لولوج الوظيفة العمومية، والإدماج والإلحاق والتكليف والإعفاء من المهام أو المسؤولية والنقل. من جهة أخرى، درس الباحث استنادا إلى الاجتهاد القضائي قرارات الإدارة في مجال التأديب من زاويتي الشرعية والملاءمة.
ولا بد أن نسجل أن إشكالية البحث من المواضيع الجدية والتي أجاب عنها المؤلف بطريقة منهجية دقيقة كما نؤكد على العدد الهائل من الأحكام القضائية الصادرة عن القضاء الإداري في الموضوع وهو ما حتم بلورة قراءات تركيبية مع الاستئناس بالدراسات النظرية. ولذلك نعتبر أن الباحث ساهم بقسط وافر في التعريف بهذه القضايا وفتح المجال أمام الدارسين من أجل تعميق النقاش حول جزئيات هذا الموضوع.