يشكل نظام المراقبة على المالية العمومية، موضوعا هاما في ظل ما يعرفه المغرب من إصلاحات دستورية ومؤسساتية من جهة، وكذا في ارتباط بتنامي مطلب إرساء قواعد ومبادئ الحكامة الجيدة في مجال تدبير الشؤون العامة من جهة ثانية.
من هنا يكتسي موضوع الرقابة على الأموال العمومية، أهمية قصوى بالنظر لتعدد الأجهزة الرقابية، ووظيفتها في المحافظة على الأموال العمومية التي تشكل عماد الدولة وركيزتها، وكذا لتزايد إكراهات وأزمات التدبير المالي العمومي، فضلا عن تلازم النظر إليها مع الحاجة الملحة لفرض سلطة القانون في المجال المالي.
إذ أضحت إشكالية الرقابة على اختلاف مستوياتها، الإشكالية المحورية والأكثر تداولا في مختلف النقاشات والخطابات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، و أصبح الرهان على الأنظمة الرقابية أمرا ملحا من أجل عقلنة تدبير الأموال العمومية، وترشيد إنفاقها وضمان شفافيتها، فضلا عن تأهيل طرائق ومناهج التدبير العمومي، وتجويد عناصر الفعل العمومي، وتحسين أداء الأجهزة العمومية، ومردوديتها ونتائجها، وبالتالي تحقيق حكامة التدبير المالي العمومي.
إن الظاهرة الرقابية خاصة في جانبها التدبيري المالي، ليست بالظاهرة البسيطة التي تسمح بالاقتصار على أحد جوانبها القانونية أو التنظيمية أو المالية أو السياسية أو الاقتصادية، بل لابد من مساءلة هذه الجوانب كلها في تداخلها وترابطها بغية الوصول إلى خلاصات علمية دقيقة. فالتناول المتعدد الجوانب هو الكفيل بمساعدتنا على إبراز مختلف المظاهر، التي تطبع الممارسة الرقابية على الأموال العمومية بالمغرب.