يتميز النظام القانوني لإبداعات الأجراء بطابع خاص، يكمن في تلاقي قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة مع قانون الشغل، وهو ما يطرح تساؤلات عدة حول القانون الذي سيطغى على الآخر، وهل هناك إمكانية للتعايش والتكامل بينهما؟ فعقد الشغل يقوم على أساس فكرة التبعية، التي تعتبر عنصرا أساسيا تميز هذا العقد عن غيره من العقود، بينما الإبداع كأساس للحماية في إطار قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة مشروط بحد أدنى من الحرية لدى المؤلف، مما يفترض أن المؤلف يعبر من خلال المصنف عن شخصيته ولمسته الذاتية، فكيف يستقيم ذلك مع وضعية الأجير الذي يقتصر على تنفيذ أوامر وتعليمات المشغل بمقتضى علاقة التبعية؟
وإذا كان تطبيق قانون الشغل على إبداعات الأجراء يفضي إلى اعتبار هذه الأخيرة ملكا للمشغل ما دام الأجر يشكل في إطار هذه القواعد مقابلا لأداء الشغل مهما كانت طبيعته، سواء كان عملا فكريا أو يدويا، فإنه مقابل ذلك تقتضي المبادئ العامة التي يقوم عليها قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة أن يستفيد الأجير من الحقوق المترتبة على المصنف الذي يتم التوصل إليه في إطار عقد شغل باعتبار أن الطبيعة الفنية والأدبية للمصنفات تتجاوز مفهوم أداء الشغل، ولا يمكن أن يعتبر الأجر لوحده مقابلا لهذا الإبداع.
هذه الإشكالات وغيرها هي التي يحاول هذا الكتاب أن يجيب عنها بغية تحقيق الانسجام والتلاؤم بين وضعيتين تبدوان متعارضتين: وضعية الأجير وضعية المبدع.