ضمن سلسلة أعمال جامعية، صدر عن منشورات مجلة القضاء المدني كتاب “السياسة الجنائية في مواجهة جرائم الفساد”، لمؤلفته الدكتورة كوثر بوعسرية.
وفيما يلي، نبذة عن هذا الكتاب:
يهدف البحث في موضوع السياسة الجنائية لمكافحة الفساد بالمغرب، إلى استكشاف المتطلبات الضرورية للنهوض بسياسة جنائية ناجعة في هذا المجال، تمتلك المقومات الزجرية والاحترازية لمختلف جرائم الفساد وصوره المتجددة على المستويين الموضوعي والمسطري، وتتجاوب مع التطور الحاصل عالميا على مستوى مكافحة هذه الآفة.
وقد تأكد من خلال هذه الدراسة أن المشرع الجنائي ظل غير قادر على الحسم في التموقع المناسب الذي تندرج فيه جرائم الفساد من حيث خطورتها؛ مما جعل مجموعة من صور الفساد خارج التأطير الجنائي، وجعل الجزاء المعتمد عاجزا عن تحقيق الأثر الردعي والإصلاحي المطلوب، وجعل القواعد المسطرية العامة هي السائدة في البحث والتحقيق والمتابعة المتعلقة بهذه الجرائم.
وبَدَا قصور السياسة الجنائية واضحا في عدم مجاراة التوجهات الجنائية الجديدة لمكافحة الفساد التي انتبهت إلى أهمية تجفيف منابع الفساد من خلال زجر بعض أشكال الانحراف المؤدية إلى قيام هذه الجرائم أو الكاشفة عن ارتكابها؛ حيث لم يتحلَّ المشرع الوطني بالشجاعة الكافية لمواكبة التشريعات الدولية الجريئة التي جرَّمت عدم التصريح بتضارب المصالح، وعدم إتاحة المعلومات، وعدم القيام بواجب التبليغ عن الفساد، وعدم القدرة على تبرير الزيادة في الثروة.
ومن خلال هذا التشخيص، يتضح بأن السياسة الجنائية مطالبة بمراجعة شمولية لمكوناتها من منطلق استحضار الحجم الحقيقي لتكاليف الفساد والوعي بخطورته، والاستجابة لروح الدستور ومقتضياته، والتفاعل الإيجابي مع الالتزامات والتجارب الدولية الناجحة؛ حيث إن ما تم رصده من ثغرات ومواطن قصور، وما تم طرحه كبدائل واقتراحات، يؤكد، من جهة، ضرورة إلحاق جرائم الفساد بالجرائم الخطيرة، ويسلط الضوء، من جهة ثانية،على مداخل التوفر على سياسة ملائمة لمكافحة الفساد بالمغرب تنهض على تجريم وجزاء ومساطر تراعي مستلزمات النجاعة والفعالية والمحاكمة العادلة من منظور صيانة المصالح العامة للمجتمع.