يتناول هذا المؤلف مسألة دقيقة في المادة الأسرية ألا وهي الخبرة الطبية في إثبات النسب، وهي المسألة التي تم بحثها بشكل مستفيض من جميع الجوانب الفقهية والقانونية والقضائية.
فبأسلوب قانوني بسيط مركز وواضح، بعيد كل البعد عن التعقيدات اللفظية أو التعبيرية، سعى الكاتب إلى الموازنة بين الآراء الفقهية الإسلامية وبين التوجهات الفقهية المعاصرة. كما عمل على إبراز مدى صدقية نتائج الخبرة الطبية في إثبات أو نفي النسب، وتتبع، في إطار تحليل رزين، الضوابط التي استلزمها المشرع لإعمال الخبرة قضاء سواء كانت موضوعية أو مسطرية بالإضافة إلى الشروط الفنية المستلزمة في الخبرة ذاتها، مستنتجا من ذلك المستوى اليقيني الذي ترتبه تلك الخبرة المأمور بها قضاء والمستجمعة لشروطها الذاتية والموضوعية والمسطرية وما تخلقه بالتالي من اطمئنان لدى المتقاضين والغير وقناعةٍ لدى القاضي.
وقد اعتمد الكاتب في إنجاز هذا المؤلف على المنهج التحليلي الأكاديمي الذي يربط النتائج بالمقدمات بشكل منطقي وانسيابي، كما تجلى في هذا العمل الطابع المهني للمؤلِف عند تناوله للأحكام القضائية وكيفية التعليق عليها بإبرازه لجوانب قوتها أو ضعفها والنقط التي ترجع لقاضي الموضوع سلطةُ تقديرها والنقط التي تكون محط رقابة محكمة القانون، ناهيك عن تحليله الدقيق للقواعد المسطرية في إعمال الخبرة القضائية.
وهكذا انطبعت في هذا المؤلَّف سمات الباحث الأكاديمي والقاضي المحترف وذلك متأت من تكوين الكاتب، فهو حائز على الدكتوراه في القانون ومن خبرته في المجال بكونه قاضيا مختصا، فجاء العمل مستجمعا لضوابط العمل الجامعي الأكاديمي مطعما بمهنية الكاتب في التعامل مع النصوص القانونية والأحكام القضائية، لذا يعتبر هذا المؤلف متميزا في بابه انطلاقا من كيفية التعاطي مع موضوع دقيق وشائك وبالنظر إلى الإستنتاجات المتوصل إليها كنتيجة حتمية لتحليل علمي يمتاز بالدقة والموضوعية، وسيشكل هذا المؤلف لا محالة إضافة نوعية للخزانة القانونية ويفيد حتما الباحث الأكاديمي والقاضي المختص والقارئ المهتم.