يطرح الاشتغال على موضوع مكانة مجلس المستشارين في النظام السياسي المغربي مجموعة من التساؤلات التي تشكل أرضية خصبة للبحث، في طبيعة هذه المؤسسة التي تشكل جزءا من البرلمان المغربي، بغية الإجابة على مختلف الإشكاليات التي تثيرها خاصة في ظل المستجدات التي جاء بها دستور 2011 ومست مركزها بشكل كبير.
وإذا كانت منطلقات إحداث مجلس المستشارين سنة 1996 سعت إلى إيجاد غرفة ثانية تكون ندا لمجلس النواب غير ناقصة القوة والآليات كما في التجارب المقارنة. فإن وجود غرفة ثانية بهذه المواصفات عمقت التساؤلات بشأن طبيعتها ومكانتها وخاصة علاقتها بالحكومة، وبالتالي فيما إذا كان مجلس المستشارين يشكل دعامة لتأهيل وتفعيل دور البرلمان، أم أنه يشكل منفذا للمؤسسة الملكية لأجل ضبط أي انزياح للحكومة عن المسار المرسوم مسبقا بين “المعارضة التاريخية” والمؤسسة الملكية.
غير أن الهندسة الدستورية التي أتى بها دستور 2011 المرتبطة بالبرلمان المرتكزة على برلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة، يتبوأ فيه مجلس النواب مكانة الصدارة، وذلك من خلال حق التداول بالأسبقية بخصوص غالبية النصوص القانونية، وانعقاد الاختصاص له في البت النهائي، وأيضا سحب جميع الوسائل المثيرة للمسؤولية السياسية للحكومة من يد مجلس المستشارين. أعادت التساؤل حول جدوائية هذا الأخير. وهل أخذ المكانة التي يجب أن يكون عليها على غرار التجارب الدستورية المقارنة في النظم الديمقراطية، أم أن النظام السياسي المغربي في طور التهييئ لإلغاء هذه الغرفة والعودة إلى العمل بنظام الغرفة الواحدة