ضمن سلسلة أعمال جامعية، صدر حديثا عن منشورات مجلة القضاء المدني كتاب “المسؤولية المدنية لموردي الخدمات: دراسة مقارنة”، لمؤلفه الدكتور عبد الخالق حماني. وفيما يلي، نبذة عن هذا الكتاب:
بفعل تطور الأنظمة المعلوماتية واندماجها في مجال الصناعات والخدمات الدقيقة، عرفت السنوات الأخيرة طفرة نوعية في المجال الخدماتي، وبالتبعية الاستهلاكي. وهذا التطور وإن كان يساهم في رفاهية الفرد والمجتمع، فبالمقابل لا يمكن نكران أو تجاهل ما يترتب عنه من مخاطر تهدد سلامة وأمن المستهلك، بسبب الخدمات المعيبة أو الخطرة، مما يضفي على موضوع” المسؤولية المدنية لموردي الخدمات” دقة وأهمية بالغتين:دقة من حيث خصائصه وعناصره التكوينية التي تفرده وتميزه عن غيره من المواضيع المرتبطة بحماية المستهلك، وأهمية من منطلق ارتباطه باحتياجات المستهلك الضرورية التي لا غنى عنها من أجل ضمان حياة كريمة.
ورغم ذلك فإن عناية الفقه بهذا الموضوع لازالت محتشمة، كما أن المشرع لم يتناوله بمقتضيات خاصة كما فعل بالنسبة لمسؤولية المنتج عن المنتوجات المعيبة التي نظمها بموجب القانون رقم 24.09 المتعلق بسلامة المنتوجات والخدماتوالمتمم لقانون الالتزامات والعقود.
ومن خلال هذه الدراسة توصل الباحث إلى نتيجة مفادها أن مسؤولية مورد الخدمة قد تتداخل مع نظام مسؤولية المنتج على أساس أن المنتج هو الشخص الذي يطرح منتوجه للتداول، وأن وصف المنتوج يتسع ليشملالمصطلحين معا السلعة والخدمة، انطلاقا من المفهوم الموسع للمنتوج الذي تبنته العديد من التشريعات. كما أن ما يعزز طرح تداخل مسؤولية مورد الخدمة بمسؤولية المنتج هو صعوبة الفصل بين عنصري المنتوج والخدمة، إذ غالبا ما يرتبط تقديم الخدمة بنقل ملكية شيء، وهو ما يسمح بانسحاب نطاق مسؤولية المنتج إلى كافة المتدخلين في عملية عرض المنتوج أو الخدمة للاستهلاك بمن فيهم مورد الخدمة.
ومحاولة لرفع التداخل القائم بين المسؤوليتين، سعى الباحث إلى إبراز خصوصيات الخدمات المقدمة بالمقارنة مع المنتوجات، خاصة على مستوى الأخطار والعيوب التي قد تنتج عنها، وكذا أساس وطبيعةوحدود والمسؤولية المدنية لمقدمها (شخصا ذاتيا كان أو اعتباريا)، وخصوصيات الالتزامات الملقاة على عاتقه. كما حاول تسليط الضوء على عقد جديد ومستحدث في إطار تقسيمات الفقه للعقود وهو عقد توريد الخدمة، وذلكبوضع إطار مفاهيمي له، والوقوف على خصائصه،وتمييزه عن غيره من المؤسسات القانونية المشابهة.