إذا كان التشريع في الأصل يعود كوظيفة للبرلمان، فإن انتهاج مبدإ العقلنة البرلمانية قد جعله مجالا مشتركا بينه وبين الحكومة. بل وقد منح ذات المبدإ للحكومة واسع السلطة كي تتفوق على البرلمان – صاحب الوظيفة الأصلي- في ممارسة هذه الصلاحية سواء في حضوره أم في غيابه.
فما أصبح من المتعارف عليه في الدساتير المعاصرة، أن الحكومة أصبحت تشرع جنبا إلى جنب مع البرلمان في مسائل تعود حصرا له بمقتضى الوثيقة الدستورية، وذلك عن طريق ما يعرف بتقنية التفويض التشريعي، والذي هو ترخيص تمنحه بموجبه السلطة التشريعية الأهلية القانونية للحكومة لممارسة الوظيفة التشريعية نيابة عنه، وذلك في مجال معين يدخل عادة ضمن نطاق القانون وفق ضوابط محددة سلفا، بقصد تحقيق حاجات ملحة يستعصي بلوغها باتباع المسطرة التشريعية العادية، سواء بحضوره أو في غيابه.
ففي حالة غياب البرلمان تتجلى تقنية التفويض التشريعي مراسيم الضرورة التي تخول الحكومة حق اتخاذها في الفترات الفاصلة بين الدورات بعد موافقة اللجن المعنية بكلا المجلسين. أما التفويض التشريعي الذي يكون بحضور البرلمان فيتبدى في أسلوب الإذن الذي يمكن للحكومة عن طريقه أن تحصل على ترخيص من البرلمان – وهو قائم- حتى تشرع في موضوع معين ، يعود له في الأصل، لكن بشروط وضوابط حددها الدستور وحماها القاضيان الدستوري والإداري.